أخبارمقالات

التعليم وقيم الديستوبيا..

بقلم: إبراهيم الشاوي

إن عموم التلاميذ والتلميذات يتسمون بالخلق الطيب إذا كانوا فرادى، وما إن يجتمع التلاميذ كجماعات، يصير التفكير جمعياًّ فتظهر منهم الكثير من التصرفات الطائشة والتي يندفع مقترفوها بسبب تلك الجماعة نفسها.
إن الفرد وهو فرد لا يصدر عنه في غالب الأحيان إلا الخير أو على الأقل يكون إنسانا عاقلا غير مندفع، بينما وهو وسط جماعته يكون قادرا على القيام بشتى السلوكات غير المنضبطة لأن ذهنيته تصرفه إلى التموقع حسب وجوده مع الجماعة، وما دامت الجماعة معه فهو في حالة احتماء وانتشاء.
ينتشي الفرد في خضم تفاعلاته مع جماعته بفضل تشجيعات الجماعة له وتحفيزاتهم المتكررة دون وجه حق، لذلك لا يدرك المرء خطورة سلوكاته وخاصة حينما تتغذى عاطفته بالحوافز النفسية الجمعية.
جرب أن تتحدث إلى تلميذ ما بمنأى عن جماعته، ستجده عاقلا منضبطا ومنصرفا إلى اختيار الكلمات المناسبة والتصرفات الجادة في غالب الأحيان.
تلك الجماعة، هي مورد القيم السلبية التي تدفع المرء إلى التصرف وفق نظرتهم، وما على الفرد إلا الطاعة العمياء لتلك القيم السالبة، حيث تسلب قيمه العائلية والخيرية وتوقف عملها لكي يرتدي مؤقتاً قيم الجماعة القادمة من عالم “الديستوبيا” ومحاولة محاكاة رجال العالم الهابط فيما يسمى اليوم ب “الرجولة” (الفحولة) إرضاءً لروح الجماعة.
إن قيم الديستوبيا هي كل ما يمكن أن يتعلمه طفل اليوم من عالم “السوشل ميديا” والاقتداء بشخصيات الشاشة الزرقاء ومؤثري ومؤثرات “التيكتوك” و “الانستاغرام” وغيرهما.. إننا بصدد انجراف جارف لكل قيم “العائلة الممتدة” في مقابل سطوة القيم الموغلة في الفحش والبذاءة دون حياء..
اللهم بعض الفئات التي تربت على قيم أصيلة قادمة من عالم اليوتوبيا، أي عالم المثل، وفيهم نتوسم الخير وكل الخير، وهم من نشتغل لأجلهم، ولأجلهم تنفتح أبواب المدارس.. وعلينا أن نجتهد لنشر صور الحياة والتفاؤل والقيم الجميلة بنفس أو أكثر مما تنتشر صور الفضائح، واجتهادنا يكون بقدر وعينا لنداء السوسيولوجي “جسوس” حين صرخ فوق منصة المحاضرة قائلا: “إنهم يريدون خلق أجيال جديدة من الضباع…”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى