بقلم: ذ اسليمان العسري
تعيش مدن الصحراء مؤخرا اضرابات خطيرة، نتيجة عوامل عدة، تسببت في انهيار السلم الاجتماعي وفقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وذلك بالنظر لضبابية الرؤية والمواقف، والسياسة القائمة على شد الحبل والمراوغة والحقيقة الضائعة، وبين هذا وذاك طرف إعلامي ينقل الأخبار بقصر نظر، ومحلل خبير أو ناشط سياسي خانته عباراته وثقافته خالطا الحابل بالنابل بحكم بعد المسافة بينه وبين مسرح الأحداث.
البدء من قضية أحرجت ولازالت مسؤولي بوجدور ومنطقة الصحراء ككل، تتزعمها امرأة جاهرة من أمام وسطح منزل أهلها بانتمائها الصريح وإيمانها الراسخ وشعاراتها وأعلامها الموالية لجبهة البوليساريو منذ أكثر من سنة وسط حصار أمني شديد لمحيط المنزل والدروب المؤدية إليه ناهيك عن وابل السحل والضرب والشتم الذي تتعرض له يوميا وبقية أفراد أسرتها، وفي تعتيم إعلامي وطني وجهوي، تقابله زيارة محتشمة لأعضاء المجلس الوطني والجهوي لحقوق الإنسان (المنظمة الحكومية) والتي قوبلت بالرفض، مرورا بفسح المجال لدجال أرعن في خطة محكمة أحسن تطبيقها وتنظيمها أمام أعين السلطات لممارسة شعائر غريبة (ما يسمى بالرقية الشرعية) لاصطياد فرائسه وسلبهم نقودهم ، الشيء الذي تبيّن من خلال خرجاته العنصرية الأخيرة والاتهامات الباطلة التي كالها لساكنة الصحراء بعد طرده من المنطقة، محاولا تثبيت تدخلات أغلب الصحفيين والسياسيين والديبلوماسيين الموازيين الحقودين و الجاهرين بالوطنية تمثيلا وبهرجة مقابل تحسين أوضاعهم الشخصية، وممن يعتقدون أنفسهم عارفين بشؤون الصحراء، كون أهلها يعيشون أوضاعا اقتصادية واجتماعية وسياسية مريحة لا مثيل لها بباقي مناطق المملكة، حيث المواطن ينعم بحرية وديمقراطية واقتسام تام للثروات وعدالة اجتماعية (المنطقة الفاضلة نسبة للمدينة الفاضلة)، مرورا كذلك بأحداث الداخلة عقب جريمة القتل البشعة والتي صاحبتها وقفات متعاطفي وأقرباء القتيل عرفت مداخلات قوية تضمنت ألفاضا والتي يتم غض الطرف عنها من قبل السلطات والمسؤولين والصحفيين (الاحتلال، المستعمر، الانتقام…) والتي وجب الوقوف عليها (أي المداخلات) وتحليلها وفك رموزها في إطار مصداقية الحل المفقود لقضية الصحراء من الجانبين، انتهاء بمشكل (لگراير) وخاصة بمدينة العيون، والمعروف استغلالها كنشاط فلاحي من قبل مالكيها منذ زمن بعيد، حيث استفاق المسؤولون مؤخرا على إجراءات تحريرها بالقوة والعنف والتدخلات الأمنية الكثيفة قصد تمريرها على شكل صفقات لأصحاب المال إحياء لمشاريعهم الإسمنتية.
فعوامل غياب الوضوح والشفافية تفعيلا لحق المواطن في المعلومة، والتعتيم المقصود اعلاميا وسياسيا وديبلوماسيا، وسلطة النفوذ والمال والانتهازية المغلفة بالوطنية، واستنزاف الثروات الباطنية والبحرية، وانتشار المخدرات بأنواعها…في مقابل تعطيل الكفاءات وتشريد الأسر وتغييب مؤسسات التطبيب والتعليم ومعاهد التكوين العليا…كل ذلك ساهم في هذه الأحداث وغيرها…
ولعل مدخل العيون الجديد فال خير على الصحراء؟.
موقع : كواليس صحراوية